اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 520
له وَلا نَفْعاً لو آمنوا
وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ اى قبل رجوع موسى إليهم نيابة عنه إصلاحا لحالهم بعد ما أفسدوا على أنفسهم ما أمرهم موسى وأوصاه إياه من الأصلح بحالهم يا قَوْمِ المائلين عن طريق الحق بسبب هذه الصورة إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ اى ما هذا الا ابتلاء لكم من ربكم ليختبر سبحانه رسوخكم وتمكنكم على التوحيد اعرضوا عن الشرك بالله وتوجهوا الى توحيده وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ لكم بإرسال أخي إليكم رسولا وأنجاكم من عدوكم وانا نائب عن أخي قد استخلفني عليكم فَاتَّبِعُونِي لتتبعوا الحق ولا تميلوا الى الباطل وَأَطِيعُوا أَمْرِي هذا واقبلوا قولي وإرشادي لكم حتى يصلح حالكم
قالُوا له انك وان كنت نائبا عن أخيك لا تعرف أنت ربه ولا تكلمت معه بل يعرفه ويتكلم معه موسى لَنْ نَبْرَحَ ونزال عَلَيْهِ اى على عبادة الجسد عاكِفِينَ مقيمين حوله متوجهين اليه متضرعين عنده حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى فرآه وتكلم معه ثم لما رجع موسى من ميقاته ومناجاته مع ربه بعد ما اخبر له الحق حال قومه ووجدهم ضالين منحرفين عن مسلك السداد صار غضبان عليهم أسفا بضلالهم
حيث قالَ من شدة غيظه لأخيه مناديا باسمه على الاستحقار مع انه اكبر منه سنا يا هارُونُ ما مَنَعَكَ واى شيء صرفك عن قتالهم وقت إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا عن طريق الحق وتوحيده بعبارة العجل وما لحقك
أَلَّا تَتَّبِعَنِ في مقاتلة المشركين بعد ما أوصيتك به مرارا وقد اقمتك فيهم لإصلاح حالهم فافسدتهم أَكفرت وضللت أنت ايضا فَعَصَيْتَ أَمْرِي فأخذ من شدة غيظه وغضبه بشعر أخيه ولحيته يجره
لَ
له حينئذ هارون قولا يحرك مقتضى الاخوة وينبه على قبول العذرا بْنَ أُمَ
نسبه الى الام استعطافا احذر عن الغضب المفرط وتوجه الى واسمع عذري تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي
ما لم تسمع عذري لم اترك القتال معهم الانِّي
وان كنت لا اقدر على قتالهم لكثرتهم قدشِيتُ
ان قاتلت معهم نْ تَقُولَ
أنت معاتبا على قدرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
وجعلتهم فرقا متخالفة متقاتلة لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
ولم تحفظ ما أقول لك اخلفني في قومي وأصلح بينهم حتى ارجع فلما سمع موسى عذره ندم على فعله فرجع الى معاتية من يضلهم
حيث قالَ فَما خَطْبُكَ واى شيء هو أعظم مقاصدك ومطالبك من هذه التفرقة والإضلال يا سامِرِيُّ المضل
قالَ السامري ليس مقصودي الا الرياسة والزيادة عليهم بشيء يميزنى عنهم من الخوارق إذ قد بَصُرْتُ بِما اى بشيء لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أصلا وذلك انى رأيت جبرائيل راكبا على فرس الحيوة ما وضع قدمه على شيء الا حي فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ اى من تراب قد وطئه حافر فرس الرسول الذي هو جبرائيل وقد كنت احفظها الى ان اذابوا حليهم فَنَبَذْتُها فيها فسرت الحيوة الدنيا منها الى الصورة المتخذة من الحلي فخار فأمرتهم باتخاذها الها وَبالجملة كَذلِكَ سَوَّلَتْ وزينت لِي نَفْسِي حتى أكون متبوعا لهم مقتدى به بينهم
قالَ له موسى فَاذْهَبْ من عندي وتنح عن مرأى فَإِنَّ لَكَ اى قد حق وثبت لك فِي الْحَياةِ اى في حين حسك وحياتك أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ لك ولا احساس ولا ادراك يعنى انك في حياتك من جملة الأموات الفاقدين للحواس وادراك عموم المشاعر والمدارك لاعتقادك بحياة هذا الجماد وأخذك هذا الها حيا قيوما متصفا بصفات الكمال وأضللت بسبب هذا جمعا عظيما من الناس وَإِنَّ لَكَ في النشأة الاخرى مَوْعِداً من الجحيم لَنْ تُخْلَفَهُ أنت ابدا ولن تنتقل عنه أصلا إذ لا توبة لك منها حتى تقبل منك
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 520